قال خبراء صحيون فلسطينيون يدرسون تأثير الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة إنه يهدد بإلحاق ضرر طويل الأجل بصحة الفلسطينيين حيث يجعل الكثير من الأطفال عرضة لضعف النمو أو سوء التغذية. وذكر باحثون في سلسلة من الدراسات نشرتها دورية لانسيت الطبية أن الهجوم الإسرائيلي على القطاع في مطلع 2009، كان له تأثير مدمر حيث أنه سبب اصابات وعمليات نزوج ومعاناة اجتماعية خاصة بين الاطفال، ومستويات التوتر بين سكان القطاع مرتفعة أيضا، وتحدثت نساء عن الرعب الذي واجهنه في الولادة تحت الحصار حيث نقل البحث عن احداهن قولها "لا أصدق أنني لم أمت".
وتشير تقديرات إلى أن نحو 1400 شخص قتلوا وأصيب كثيرون آخرون في الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة بين ديسمبر كانون الاول ويناير كانون الثاني 2009. ووصف خبراء الصحة الدمار الذي لحق بالبنية التحتية بما في ذلك المنازل بأنه "لم يسبق له مثيل". وخففت إسرائيل قليلا الحصار الذي فرضته على القطاع بعد فوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في انتخابات فلسطينية في 2006 . وكانت القيود قد شددت على القطاع بعد انتزاع حماس، التي ترفض مطالب غربية بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، السلطة في غزة بعد ذلك بعام.
وقالت نيفين أبو رميلة من معهد الصحة العامة والمجتمعية في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، إن الحصار المفروض على المنطقة لازال يمثل العقبة الرئيسية أمام تحسين ظروف معيشة وحياة السكان. ورغم الحصار تسمح إسرائيل بدخول مساعدات طبية وإنسانية إلى غزة، ويقول الجيش الإسرائيلي إن سبعة آلاف فلسطيني يقصدون إسرائيل قادمين من غزة كل شهر للعلاج.
وفي دراسة للتداعيات الصحية للهجوم الإسرائيلي على القطاع أجريت قبل تخفيف الحصار، قام فريق نيفين بتحليل الظروف الصحية لسكان القطاع باستخدام بيانات من مسح عشوائي لنحو ثلاثة الاف أسرة فلسطينية. وتعرض قرابة ثلث العينة التي تناولها المسح للتشريد أثناء الحرب ودمرت 39 في المئة من منازلهم كليا أو جزئيا. وعند الانتهاء من الدراسة في أغسطس اب 2009 لم يكن قد جرى اصلاح سوى ربع المنازل المتضررة.
وتوصلت الدراسة أيضا إلى أن أكثر من 70 % من الأسر تعتمد على المساعدات الغذائية ووصف 57 % من المشاركين في الدراسة ظروف الحياة بأنها "أقل من جيدة". وأجرت دراسة ثانية بشأن الولادة تحت الحصار مقابلات مع خمس قابلات و11 امرأة للحديث عن تجاربهن في ظل التفجيرات. ووصفت النساء كيف تعاملن مع الخوف والعنف وعدم اليقين حولهن.
ونقلت الدراسة عن إحداهن قولها إن الأسوأ كان عندما يحل الظلام. وقالت "لم أكن أفكر مثل الاخرين الذين يواجهون الموت أو القصف وإنما كنت أفكر فحسب في حالتي. ماذا سيحدث إذا بدأت الأم الولادة أثناء الليل؟ كيف سأتعامل؟ لقد كانوا يقصفون حتى سيارات الإسعاف. كانت الليالي كالكوابيس. كنت كل صباح أتنفس الصعداء لطلوع النهار".
وبحثت خلود ناصر من وزارة التعليم في رام الله الانظمة الغذائية للاطفال الفلسطينيين واثارها على صحتهم وتعليمهم. وأجرت دراسة على حوالي ألفي طفل ومراهق وتوصلت الى أن واحدا من بين كل أربعة منهم لا يتناول وجبة الافطار وهي المؤشر الرئيسي لعادات الاكل الصحية وأن واحدا من كل عشرة منهم مصاب بالانيميا. وتوصلت أيضا الى أن واحدا من بين كل 17 منهم مصاب بضعف النمو.
وذكرت أن حوالي اثنين في المئة منهم مصابون بنقص الوزن وأن 15 في المئة اما مصابون بزيادة الوزن أو بالبدانة. وكتبت خلود في الدراسة تقول إن هناك حاجة لبرامج تغذية مدرسية شاملة وفعالة تستهدف كل الفئات العمرية وتركز بشكل خاص على المراهقين والبنات لان البيانات عن زيادة الوزن وأنيميا نقص الحديد مثيرة للقلق.