بيروت- هل يعود لبنان الى سابق عهده وتحديدا الى سبعينات القرن الماضي حين كان قبلة السياحة الفضلى للعرب والاجانب؟ يبدو ان المؤشرات توحي بأنه قاب قوسين من هذا المجد الذي لم تنفك القطاعات السياحية في لبنان تأمل في استعادته بعد اعوام قاحلة. واذا صحت توقعات وزير السياحة فادي عبود بتجاوز سقف المليوني سائح المسجل عام 2009، تبقى الأنظار شاخصة نحو الوضعين السياسي والامني وهما أساس الحركة السياحية في أي بلد. لكن مع الطمأنة التي يشيعها المسؤولون على هذا الصعيد - باستثناء مناوشات محدودة هنا وهناك -، يمكن ان يتجاوز هذا الرقم بسهولة، وفقا لتوقعات المعنيين بالقطاع السياحي. فكيف تتحضر هذه القطاعات للموسم السياحي؟
القطاع الفندقي هو المؤشر الفعلي للنشاط السياحي. ففي بيروت، ناهزت الحجوزات الـ150 في المئة خلال تموز مما استدعى الاستعانة بالفنادق خارج العاصمة، فيما ناهزت في الجبل الـ70 في المئة. هذه توقعات رئيس اتحاد المؤسسات السياحية بيار الاشقر بناء على الحجوزات المسبقة، لكنه يشير الى ان هذا الرقم يمكن ان يرتفع مع قدوم السياح العرب "الذين لا يحجزون الا في اللحظات الاخيرة".
ورغم ذلك، يتخوف الاشقر من "تصريحات" تتحدث عن حرب مع اسرائيل، بما قد يؤثر سلبا على الوضع السياحي "ويمكن ان يعيدنا الى نقطة الصفر". الى ذلك، ثمة امور يجب التنبه لها، وتتعلق بالبنى التحتية "التي يمكن أن تعوّق تدفق السياح وخصوصا الى مناطق خارج بيروت". ودعا القطاع الخاص الى الاستثمار في القطاعين السياحي والتجاري خارج بيروت، "إذ تفتقر هذه المناطق الى المجمعات التجارية ونوادي السينما وغيرها مما يمكن أن يجذب السياح".
وبما ان الشكوى هي من اسعار الفنادق دائما، يشير الاشقر الى ان الاسعار التي تعتمدها الفنادق محددة من وزارة السياحة، مذكّرا بان القطاع الفندقي كان قد خفّض اسعاره في فترات الركود، "اما اليوم، فهو غير مرغم على ذلك".
الشقق المفروشة تفاؤله المعتاد بمواسم سياحية واعدة لم يتغير هذه السنة. بل اكثر، يعتبر أن هذا الموسم هو من الافضل التي يشهدها لبنان منذ فترة طويلة. التفاؤل الذي يبديه نقيب أصحاب الشقق المفروشة زياد اللبان لم يأت من فراغ بل وفقا لبوادر جيدة جدا "بدليل ان الحجوزات ناهزت الـ 80 في المئة بدءا من منتصف الجاري، لتتجاوز الـ100 في المئة لشهر تموز. لكن هذا كله رهن استمرار الوضعين السياسي والأمني على هدوئهما".
ويتوقع ان يكون الموسم السياحي هذه السنة أفضل من العام الماضي، حين وصلت نسبة اشغال قطاع الشقق المفروشة في فترة الاعياد الى 100 في المئة وخصوصا خارج بيروت، "علما ان النشاط السياحي في الـ2009 كان أفضل من 2008 الذي كان افضل مما سبقه، أي ان منسوب التحسن يزيد من سنة الى سنة بفضل الاستقرار الأمني والسياسي".
وبما ان المؤسسات السياحية مطمئنة الى الأوضاع الداخلية، وهذا جل ما كانت تطالب به متجاهلة المطالب الانمائية الاخرى، فهي ومع الهدوء النسبي الذي تعيشه البلاد، بدأت تستشعر خطر التقنين الكهربائي الذي بشرت به وزارة الطاقة. من هنا، فإن مطلب هذه المؤسسات وفق اللبان، تتلخص بتوفير الكهرباء والمياه وخصوصا في مناطق الاصطياف، ليشير في المقابل الى ان غالبية المؤسسات احتاطت للتقنين القاسي، فبادرت احتياطا الى شراء مولدات جديدة. وتبقى الاسعار على حالها، "وهي مقبولة في الاساس واقل من الدول المجاورة، علما انه لا يمكن مقارنة نوعية الخدمات التي تقدمها مؤسساتنا بتلك في دول اخرى".
الشقق المفروشة والفنادق يتحضران لاستقبال السياح، وهما وفقا للبان يكملان بعضهما البعض، وخصوصا ان قطاع الشقق المفروشة يضم فئات 5 نجوم كما الفنادق. لكن الشقق المفروشة في رأيه مرغوبة أكثر من الفنادق وخصوصا من العائلات ورجال الاعمال الراغبين في اقامة طويلة، واولئلك الذين يقصدون لبنان بغية الاستشفاء. ويشير الى انه في إمكان قطاع الشقق المفروشة استيعاب نصف عدد السياح، "وخصوصا ان عدد الشقق المرخصة نحو 3500 سرير. واذا ما اضيف تلك التي لا تصنف مؤسسات "مساكن سياحية"، فإن عدد الاسرّة يتجاوز المليون".
حجوزات الطيران التحسن في نسبة الحجوزات يزيد سنويا نتيجة تحسن الاستقرار الداخلي. ويتوقع رئيس نقابة مكاتب السفر والسياحة جان عبود نموا بين 20 و25 في المئة عن عام 2009 بالنسبة الى عدد الحجوزات ومداخيل تذاكر السفر. ويلفت الى ان شركات الطيران باعت تذاكر بنحو 570 مليون دولار عبر Billing Settlement Plan (BSP)، منها 114 مليون دولار عبر شركات الطيران مباشرة. ويتوقع نمو تلك الاموال بنحو 12 في المئة هذه السنة.
ويشير الى ان لبنان استقطب عام 2009 نحو مليون و950 الف زائر، "ونعمل هذه السنة على اساس اننا سنستقطب مليونين و250 الف زائر"، في رقم اوحت به الزيادة في عدد رحلات شركات الطيران الى لبنان، "إذ ضاعف بعض الشركات وخصوصا العربية منها، رحلاتها 3 مرات نظرا الى الطلب المتزايد". وعن هوية الزوار، يقول عبود انه في الاعوام الاربعة الماضية بقي العنصر العربي هو الطاغي على اجمالي الزوار "وتعزز في العامين الماضيين مع الغاء التأشيرات مع الاردن. الا انه يلاحظ ان العنصر الاوروبي زاد في الاشهر الخمسة الاولى من السنة بنحو 15 في المئة "وهذا يعني أنه ثمة رضى سياسي أوروبي على لبنان".
